بكلمات مليئة بالود والرغبة الصادقة في العمل المشترك توطيدا للعلاقات بين الكنيستين العريقتين جاءت كلمة أبونا ماتياس الأول بطريرك إثيوبيا خلال استقبال قداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني، له والوفد المرافق له حيث أكد قداسته على ضرورة استمرار وتنمية العلاقات بين الكنيستين القبطية والإثيوبية وبل جميع الكنائس الأخرى ولاسيما في إفريقيا لتوصيل رسالة الله وكذلك التواصل مع كافة الأديان لتقليل المشكلات، كما قدم غبطته الشكر لقداسة البابا الأنبا تواضروس الثاني وأعضاء المجمع المقدس على دعوتهم وإلى الكلمة:
كيف حالكم
احنا كلنا أخوة …كل سنة وأنتم طيبين .. ونحن نحتفل بأعياد الميلاد مع كنيستنا الشقيقة
مبارك اسم الله الذي جعل وحدتنا في الايمان تستمر لقرون طويلة
وكما أشير في الكتاب المقدس أن المسيحية في إثيوبيا بدأت وانتشرت عن طريق أحد المسئولين الذين زاروا القدس بعد المسيح بأربعة اعوام، ولكن تمت سيامة أبونا سلامة من قبل البابا اثناسيوس في القرن الرابع ، والبابا اثناسيوس أبا جليلا لدينا جميعا ..استمرت العلاقة بين الكنيستين دون انقطاع منذ ذلك الحين، إن العلاقة لم تبدأ منذ المسيح ولكنها سبقت ذلك التاريخ بكثير ولذلك ذكر الكتاب المقدس مصر إثيوبيا عدة مرات ، ونحن نشرب من مياه واحدة هي مياه نهر النيل ، مما جعلنا نعيش في وئام وتماسك ، وأتمنى أن هذه العلاقات العريقة تستمر إلى الأبد.
قداسة البابا الأساقفة الاباء الأجلاء ..
لا نستطيع أن ننكر الفتور الذي حدث في العلاقة بين الكنيستين بسبب الحكم الشيوعي في إثيوبيا ١٩٧٤ ، ولكن بدعم من الله ذابت الشوائب والخلافات إلى الأبد ، بل وأقول دون رجعة بسبب التماسك والروابط العميقة علي الرغم من الصعوبات التي واجهت البلدين ولكن تمسكنا بالإيمان استمر وهكذا سنستمر إلى الأبد ، وكل مايحدث من سوء تفاهم هو وقتي ولكن ما يبقي للأبد هو مصر إثيوبيا ، مما يذكر أن الكنيستان اجتمعتا عام ١٩٦٥ في المفوضية الإفريقية للتنمية بإثيوبيا وبدعم من الكنيسة الأرثوذكسية الواحدة وفي هذا الاجتماع تم التزاوج في مصالحنا المشتركة وإنهاء الخلافات للقيام بواجبنا في نشر رسالة الله في جميع أنحاء العالم وكذا نشر رسالة السلام والمحبة للجميع ، وأعتقد أن هذا الموضوع من الأهمية لجميعنا ، ولمواجهة التحديات علينا أن نكثف جهودنا ..
قداسة البابا أعضاء المجمع المقدس ..
إن عالمنا يتحول إلى قرية صغيرة إذ تلعب التكنولوجيا دورا في تقريب الأمم ولكن الدور التكنولوجي له جوانب مضرة ونحن علينا أن نبحث عن العلاج وعلينا أن نملا الفراغ الذي يتركه هذا التطور ، نحن المسيحين الأخوة يجب أن نقترب من بعض أكثر فاكثر لمواجهة التحديات وقبول التحديث بما لا يؤثر علي إيماننا كما يجب مواجهة خلافتنا ، إن المشاكل التي تواجهنا عديدة وكثيرة اجتماعية واقتصادية ودينية … إلخ ، وكل هذه المشاكل لا يستطيع الإنسان ولا التكنولوجيا حلها ..
نحن المؤمنين بالله وخاصة الكنيستين المرتبطين بعلاقات عريقة بإمكاننا ان نحل المشاكل التي تو اجهنا ، كما تعلمون جميعا لدينا حاليا فرصة سانحة حيث أن الآباء يتم دعوتهم الآن من قبل الحكومات والمؤسسات والمؤتمرات الدولية للمساهمة في كل الفعاليات والبحث عن حلول للمشكلات التي تواجه العالم ، وبتعزيز وحدتنا نكون مستعدين لهذه التحديات بالصلوات والإيمان وتجهيز أتباعنا لحل المشاكل ليس بالسلاح ولكن بالمبادئ والأخلاق العالية التي هي سمات المسيحية ..
أعضاء المجمع المقدس ..
يجب علينا أن نقرر لهذه العلاقة التي بيننا لكي لاتنساها الأجيال القادمة وكما ربطنا النيل .. وسد النهضة بإثيوبيا يجمعنا مرة ثانية كي نتناقش عن الفوائد التي يجلبها السد ، إن الخبراء أظهروا لنا والدراسات ايضا أن هذا السد له فوائد وليس أضرار تضر بمصر والسودان ، ونحن يجب أن نكون مستريحين لما يقوم به أخواتنا من تطور لأننا متمسكون بقول الرب: “كل ماتُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ” (مت 7 :12) وايضا “تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ” (مت 22 :39) ، علينا أن نصلي لحل المشاكل لكي يعامل الجميع بسواسية وهذه مسئوليتنا التي تقبلناها من الله وأعتقد أن هذا مايشاركني به أخي قداسة البابا وأعضاء المجمع للكنيسة الشقيقة
ان علاقتنا علاقة حب يجمعنا بها التاريخ والطبيعة والإيمان الراسخ والتفاهم المشترك. وقد رسخ هذا المفهوم زيارة الوفد الشعبي لمصر والتي تمثلت في فئات كثيرة من الشعب وعلمت أن هذا الاجتماع اجتماعا تاريخيا وكان من ضمن الوفد أعضاء من كنيستنا وأبلغونا أنه قد تمت مناقشات إيجابية رسخت التفاهم المشترك والجانب الاثيوبي مرتاح لدعم الجانب المصري والكنيسة القبطية والشعب المصري. وأستطيع أن أقول هذه حقبة تاريخية هامة ترتقي بعلاقتنا العريقة إلى مستوي أعلي.
الآن اقترح أن تكون جميع الكنائس الأخوة وخاصة الكنائس الأرثوذكسية ألا تكون اجتماعاتنا عابرة فقط تسير وتذهب مع الوقت ، علينا أن نجعلها اجتماعات رسمية ، مما تجمع المؤسسات فيما بينها كشكل مؤسسي وهذا يسهل استمرارية لقاءاتنا لكي نقوم بمسئوليتنا تجاه الله والشعب.
أولي الكنائس في إفريقيا يمكننا من نشر رسالة الله مع الكنائس الإفريقية والمسيحين جميعا كهدف واحد وعمل واحد لنشر رسالة الإنجيل ونشر السلام ، ونبدأ الحوارات بين الكنائس مما يجعلنا أقرب أكثر ونعزز العلاقات بين أتباع الديانات المختلفة الذين يؤمنون بإله واحد لحل ليس فقط المشاكل الإفريقية ولكن أيضا مشاكل العالم.
وبإمكاننا لكي نعزز العلاقات بين كنيستينا تأسيس المؤسسات الللاهوتية والتعليم العالي وتبادل البرامج بين الطلبة والجمعيات المسيحية ، وفي الكنيستين القديمتين أعتقد أننا تأخرنا في القيام بهذا الواجب ولكننا لسنا متأخرين بل نقوم بواجبنا تجاه العالم ، ونري بعض الكنائس الأخري تقيم مؤسسات عملاقة تعليمية وصحية وطبية وغيرها … وعلينا في الكنيستين أن نكون روادا في هذا المجال بالرغم من أننا ضحايا لمشاكل وعواصف كثيرة واجهت بلدينا وشعبينا عبر التاريخ ، قد يبدو هذا أمر صعب المنال ولكن بدعم من الله يمكننا جعله واقعا علي الأرض لأننا لدينا أعضاء منتشرون في العالم كله وفوق هذا كله يساندنا السيد المسيح ..
أخيرا وليس آخرا ، أود أن اشكر قداسة البابا تواضروس والكنيسة القبطية لدعوتهم لنا لهذه الزيارة ، اشكركم وأود أن أنهي حديثي بدعوة الكنيسة القبطية وأعضائها وكذلك الكنائس الشقيقة ، ولاسيما أنني أعتقد أنهم ياخذون بعين الإعتبار العمل المشترك. وألا تتأخر لقاؤتنا بل ندعمها باجتماعات متتالية كلما وجدنا الفرصة لذلك ، ويجب أن نقوم بربط المؤسسات كما كان سابقا ونبدأ الحوار بين الكنائس وإصدار بيانا مشتركا للقيام بواجباتنا والقيام برسالتنا .
أؤمن أن هذا الاجتماع يحظي ببركة السيد المسيح والذي سينتج عنه الكثير من النتائج ..
بارك الله بلدينا وكنيستينا