إنجيل هٰذا الأحد من (يوحنا ٥: ١-١٨)، وهو “أحد المُخَلَّع”، ذٰلك المريض الذي كان يجلس عند “بِركة بيت حسدا”، والتقاه السيد المسيح بعد أن صار له ثمانية وثلاثون عامًا في مرضه؛ وفي هٰذا اللقاء نجد:
• الله يؤكد احترامه لحرية الإنسان ورغبته. فكما رأينا في الأسبوعين الماضيَين: أن الأب لم يجبر ابنه على الحياة معه ولٰكنه انتظره حتى عاد برغبته، والسيد المسيح قاد السامرية إلى التوبة من خلال حواره معها حتى تركت جَرَّتها وانطلقت تبشر به. واليوم يؤكد السيد المسيح أن الله، وإن كان يُريد خلاص كل إنسان، لٰكنه لن يدخل قسرًا في حياته؛ فنجد السيد المسيح يوجه ذٰلك السؤال إلى المريض: “أتريد أن تبرأ؟”!!
• اهتم السيد المسيح بذٰلك المريض، إذ هو يعلَم قدر معاناته في المرض طيلة تلك السنوات الطوال، وكان يُدرك أنه ليس لديه من يساعده على الشفاء قبل أن يصرح: “يا سيد، ليس لي إنسان يُلقيني في البركة متى تحرك الماء.”، فتقدم إليه السيد المسيح بكل حُنُو ومحبة ومراحم أبدية لشفائه. وهٰكذا محبة الله في كل مكان وزمان؛ فلا تقلق إن لم يكُن لك أحد في حياتك يساعدك، فالله ما يزال الراعي، ولن يتغير، وكما وهب الشفاء لمن قضَّى في مرضه ثمانية وثلاثين عامًا، هٰكذا يمكنه أن يهب لك ما تحتاجه؛ فالله لا يَعسُر عليه أمر، وكما قال له “أيوب” البار: “«قد علِمتُ أنك تستطيع كل شيء، ولا يَعسُر عليك أمر …”. (أي ٤٢: ٢).
• الله يستخدم أساليب وطرق بعيدة عن فكر البشر: فقد كان من المتوقع أن يحرك الماء في البركة ويساعد ذٰلك الإنسان على أن ينزل فيها فينال الشفاء؛ لٰكن السيد المسيح لم يفعل، بل قال له: “قم. احمل سريرك وامشِ.”، فحالًا برئ الإنسان وحمل سريره ومشى. وأيضًا في حياتك يستخدم الله أمورًا وأحداثًا وأشخاصًا لا ترد إلى فكرك أو تُدرك أنها لخيرك؛ فتجد في نهاية الأمر أنه صنع كل شيء فإذا هو حسن جدًّا! وأن جميع أمور حياتك في يده منتهية إلى كل خير وبركات! فمن ذا الذي كان يُدرِك أن طريق “يوسف الصدِّيق”، الذي بدأ بخيانة إخوته له وبيعهم إياه كعبد، سيؤول إلى أن يكون الرجل الثاني بعد فُِرعَون والمتسلط على كل أرض “مِصر”؟! عزيزي، تذكَّر دائمًا: “ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء!” (رو ١١: ٣٣).