إنجيل هٰذا الأحد من (يوحنا ٩: ١-٤١)، وهو “أحد المولود أعمى”، ذٰلك الإنسان الذي وُلد أعمى دون عينين؛ وفي هٰذا اللقاء نجد:
• أن التجرِبة التي تعرض لها هٰذا الإنسان، في كونه مولودًا بلا عينين، لم تكُن ـ كما اعتقد التلاميذ ـ بسبب خطيئة اقترفها هو أو والداه، وإنما كانت لكي تقوده إلى خلاصه عندما تظهر أعمال الله في حياته، بل يكون سبب خلاص آخرين. إن الآلام والتجارب التي تمر بنا هي لخيرنا، فلنقبلها بشكر إذ هي سر بركات لنا وللآخرين. ونجد هٰذا بوُضوح في حياة القديس “دِيدِيموس الضرير” الذي صار مدير “مدرسة الإسكندرية اللاهوتية”؛ إذ فقد هٰذا القديس بصره في سن الرابعة، وبسبب شدة حبه للتعلم قام بابتكار الحروف البارزة بالنحت ليقرأها بأَُِصبَُِعه، فسبق بذٰلك “برايل” بقرون طويلة؛ فتمكن من حفظ “الكتاب المقدس” والتعاليم الكنسية، ونبغ في كثير من العُلوم منها: النحو، والفلسفة، والرياضيات، والموسيقى، وغيرها. وذات يوم سأله القديس “أنبا أنطونيوس” ثلاث مرات: “ألعلك لا تحزن لأنك كفيف البصر؟”. فأجابه القديس أنه يحزن على ذٰلك جدًّا. فقال له القديس “أنبا أنطونيوس”: “إني متعجب لحزنك على فقدانك ما تشترك فيه مع أحقر الحيوانات كواسطة للإحساس! إذ ليس لديها ما تحس به غير البصر ، و(أنت) لا تفرح متعزيًا لأن الله وهب لك بصيرة أخرى لا يهبها ـ تقدس اسمه ـ إلا لمحبيه، وأعطاك عينين كأعين الملائكة تبصر بهما الرُّوحيات، بل بهما تُدرك الله نفسه، ويسطع نوره أمامك، فيزيل كل ظلام في قلبك!!”؛ وهٰكذا كانت حياته بركة له ولكثيرين.
• عمَل السيد المسيح في حياة المولود أعمى كان سبب جذب كثيرين إلى معرفة الله والبحث عنه: “فالجيران والذين كانوا يرَونه قبلًا أنه كان أعمى، قالوا: «أليس هٰذا هو الذي كان يجلس ويستعطي؟».”، وبعد حوار معه قالوا له: “أين ذاك؟”.
• رفْض الفَرِّيسيُّون لعمل السيد المسيح لأنهم لم يعرفوا الله، وكان لهم شكل التقوى وهم بعيدون عنها، ثم إخراجهم للمولود أعمى خارجًا.
• أنه حين يرفضك البشر، حتمًا تجد الله إلى جوارك، فهو من يبحث عنك ويجدك ويهب لك المعرفة الحقيقية التي لشخصه المبارك: “فسمِع يسوع أنهم أخرجوه خارجًا، فوجده وقال له: «أتؤمن بابن الله؟». أجاب ذاك وقال: «من هو يا سيد لأُومن به؟». فقال له يسوع: «قد رأيتَه، والذي يتكلم معك هو هو!». فقال: «أُومن يا سيد!». وسجد له.”.