الطريق
أي أولئك الذين يشبهون الطريق: “هوذا الزارع قد خرج ليزرع، وفيما هو يزرع سقط بعض على الطريق، فجاءت الطيور وأكلته.”. ونلاحظ أن الطريق يرتادها كثير من البشر: الجيد والرديء، الخيّر والشرير؛ ويمثلها ذلك الإنسان الذي يجعل حياته كالطريق تتأثر بكل عابر فيها، دون تدقيق أو اختيار جيد لأصدقائه أو من يدخل في تعامل معه، فينشغل عن بناء حياته وتضيع منه الأهداف، وينساق في دائرة لا تنتهي؛ فلا ينتبه لكلمة الله أو معاملاته معه. إنها دائرة الانشغال التي يُحكم الشيطان إغلاقها على البشر فيسمعون ولا يفهمون فيفقدون الكلمة: “كل من يسمع كلمة الملكوت ولا يفهم، فيأتي الشرير ويخطف ما قد زُرع في قلبه. هذا هو المزروع على الطريق.”.
الأماكن المحجرة
“وسقط آخر على الأماكن المحجرة، حيث لم تكُن له تربة كثيرة، فنبت حالًا إذ لم يكُن له عمق أرض. ولكن لما أشرقت الشمس احترق، وإذ لم يكُن له أصل جف.”؛ إنها الأرض التي يرى سطحها كأنه تربة صالحة للزرع لكن أعماقها لا تحتوي إلا على الأحجار والصُّخور، فما إن تُلقَى عليها البذار حتى تنبت حالًا لكنها سَُِرعان ما تموت إذ الأحجار والصُّخور التي في أعماقها تمنع امتداد الجُذور في العمق، وهكذا تمنع عنها الغذاء فتجف وتموت؛ إنها مثل ذلك الإنسان الذي يسمع كلمة الله فيفرح بها سريعًا دون أن يكون له عمق الحياة الروحية فتكون حياته مثل شجرة التين التي احتوت على الأوراق من دون الثمار، وفي وقت التجرِبة والشدة لا يمكنه الصمود وتخطي الضيقة بل يَهوِي سريعًا فيصفه السيد المسيح: “والمزروع على الأماكن المحجرة هو الذي يسمع الكلمة، وحالًا يقبلها بفرح، ولكن ليس له أصل في ذاته، بل هو إلى حين. فإذا حدث ضيق أو اضطهاد من أجل الكلمة فحالًا يَعثُر”.
الشوك
“وسقط آخر على الشوك، فطلع الشوك وخنقه.”؛ نوع آخر من البشر يحمل في داخله أشواك تخنق كلمة الله. وتتنوع الأشواك من أشواك: الذات، إلى محبة المال والغنى، إلى هُموم العالم واختفاء الثقة الكاملة بالله فيضطرب الإنسان ويبحث عن مصادر أخرى لأمانه غير الله، منغمسًا في لذاته ناسيًا أو متناسيًا أنها وُهبت له من أجل هدف، إلى غير ذلك من أسباب تخنق كلمة الله وتُبعد الإنسان عن الحياة بعمق معه؛ فيجف ويأتي بأيدٍ خالية لا تحمل ثمارًا أمام الله، وتضيع حياته هباءً: “والمزروع بين الشوك هو الذي يسمع الكلمة، وهَمّ هذا العالم وغرور الغنى يخنقان الكلمة فيصير بلا ثمر.”.
الأرض الجيدة
“وسقط آخر على الأرض الجيدة فأعطى ثمرًا: بعض مئة، وآخر ستين، وآخر ثلاثين.”؛ إنهم أولئك الساهرون على حياتهم يُنقِّون ذواتهم في ضوء كلمة الله، مدركين أن الله هو معينهم وعاضدهم في كل أمر، وأنه من دونه لا يقدرون أن يفعلوا أيّ شيء، يسمعون الكلمة ويفهمونها ويعملون بها، سائرين في درب الحياة في ثقة واتكال عليه، لا يخشَون رياحها أو أمواجها أو ظلمة عالمها: “وأما المزروع على الأرض الجيدة فهو الذي يسمع الكلمة ويفهم، وهو الذي يأتي بثمر: فيصنع بعض مئة، وآخر ستين، وآخر ثلاثين.”.
“من له أذنان للسمع فليسمع”.