فصل الإنجيل لهٰذا الأحد من (لو ٧: ٣٦-٥٠)؛ وفيه دعوة أحد الفَرِّيسيّين إلى السيد المسيح في منزله، فسمِعت بذٰلك امرأة خاطئة وأتت إلى منزل الفَرِّيسيّ لتلتقي السيد المسيح وتقدم توبة؛ وفي هٰذا اللقاء نجد:
• أن دعوة الفَرِّيسيّ إلى السيد المسيح لم تكُن مبنية على الإيمان أو المحبة لشخصه إذ نجد أنه لم يقُم بعمل واجبات الضيافة المعروفة آنذاك للسيد المسيح: “إني دخلتُ بيتك، وماء لأجل رجلي لم تُعطِ … قُبلة لم تقبلني … بزيت لم تدهُن رأسي …”. وربما دعوة الفَرِّيسيّ كانت لاكتشاف من هو السيد المسيح الذي يتحدث عنه الناس: الذي يشفي المرضى، ويُطعم البشر، ويعلِّم في كل مكان، ويفعل تلك الآيات والعجائب. لذٰلك نراه يحكم على السيد المسيح في نفسه: “لو كان هٰذا نبيًّا، لعلِم من هٰذه الامرأة التي تلمُِسه وما هي! إنها خاطئة.”.
• السيد المسيح أراد أن يُظهِر للفَرِّيسيّ من هو، فقد عرَف فكره، وأراد أن يقدِّم له الإجابة عن تساؤله بمَثل عن مُداين ومديونَين ومسامحته لهما، وهو في حقيقة الأمر يقدِّم له صورة ذهنية عن محبة الله وغفرانه، فالجميع مديونون لله: “… «إنه ليس بارّ ولا واحد … الجميع زاغوا وفسَدوا معًا …” (رو ٣: ١٠ و١٢).
• الفَرِّيسيّ كان يرى نفسه بارًّا، ويحسَِب المرأة خاطئة أنها لا تستحق أن تلمُِس السيد المسيح، فهٰكذا كان بارًّا في عينَي نفسه ولم يُدرك محبة الله وغفرانه لتعدياته هو أيضًا، بل حسِبها صغيرة لا تُذكر! لذٰلك صارت محبته قليلة: “من أجل ذٰلك أقول لك: قد غُفرت خطاياها الكثيرة، لأنها أحبت كثيرًا. والذي يُغفر له قليل يحب قليلاً.”. إن عمق التوبة يأتي من إدراك الإنسان لخطاياه دون أن يحاول خلق التبريرات لها، فيتقدم إلى الله نادمًا، طالبًا إليه أن يتحنن ويغفر له خطاياه. أما البارّ في عينَي نفسه، فلا يجد سوى كلمات الله إليه: “أنا عارف أعمالك: أنك لستَ باردًا ولا حارًّا. ليتك كنتَ باردًا أو حارًّا! هٰكذا لأنك فاتر، ولستَ باردًا ولا حارًّا، أنا مزمِع أن أتقياك من فمي. لأنك تقول: إني أنا غنيّ وقد استغنَيتُ، ولا حاجة لي إلى شيء. ولستَ تعلم أنك أنت الشقيّ والبَئِس وفقير وأعمى وعُريان.” (رؤ ٣: ١٥-١٧). وفي نهاية حديث السيد المسيح أعلن من هو إذ قال للمرأة: “مغفورة لكِ خطاياكِ”.
• إن السلام هو رفيق التوبة في درب الحياة: “فقال للمرأة: إيمانكِ قد خلصكِ، اذهبي بسلام.”.