فصل الإنجيل لهٰذا الأحد من (مر ٢: ١-١٢) حيث يقدم لنا معجزة إقامة المفلوج أيِ “المشلول”، فقد سمِع أصدقاء هٰذا الإنسان المفلوج أن السيد المسيح ـ الذي يصنع المعجزات ويَشفي الأمراض المستعصية ويُطعم الشعب ويعلِّم ـ قد أتى إلى أحد المنازل؛ فحضر إليه كثير من الناس ليستمعوا إليه ويُبرئهم من أمراضهم. وحمل الأربعة رجال صديقهم المريض ووضعوه أمام السيد المسيح ليَشفيه؛ وفي هٰذه القصة نرى:
• المحبة
محبة الرجال الأربعة لصديقهم المريض إذ سعَوا ورغِب بشدة في شفائه؛ وما إن سمِعوا أن السيد المسيح في أحد البُيوت حيث يعلِّم، لم يتوانَوا، بل أسرعوا إليه بصديقهم كي ينال الشفاء. إن المحبة الحقيقية هي التي تجعل الإنسان يسعى من أجل مصلحة من يحبه، كما هي لا تحتمل أن تقف ساكنة أمام ما يعانيه من آلام أو ضيقات أو أمراض، بل تشاركه محاولةً تخفيف ذٰلك عنه. يقول “القديس “يوحنا الذهبيّ الفم”: “إن نفوس القديسين رقيقة جدًّا ومُحبة للغير، مُحبة لخلاص نفسها كما لخلاص الغرباء، بل إن رقتهم تمتد إلى المخلوقات غير العاقلة”! وما أعظم المحبة أمام الله! إنها سر قَبول ما يقدمه الإنسان من أعمال خير؛ يقول مثلث الرحمات “البابا شنوده الثالث”: “كل فضيلة خالية من الحب لا تُحسب فضيلة”.
• الإصرار
إصرار الرجال الأربعة إذ عند وُصولهم إلى حيث السيد المسيح وجدوا صعوبة في الدخول: “وجاءوا إليه مقدمين مفلوجًا يحمله أربعة. وإذ لم يقدِروا أن يقتربوا إليه من أجل الجمع …”؛ فكان يمكنهم أن يرحلوا مبررين لأنفسهم أنهم حاولوا مساعدة ذٰلك الإنسان المريض ولم تسمح لهم الظروف الصعبة، وبذٰلك يعودون من حيث جاؤوا مرتاحي الضمير أنهم فعلوا ما يستطيعونه، ولٰكن كانت محبتهم عظيمة وكان إصرارهم عجيب أنهم لن يعودوا دون شفاء صديقهم مهما كلفهم الأمر من مشقة!! فكان من أمرهم أنهم: “… كشفوا السقف حيث كان (السيد المسيح)، وبعد ما نقبوه دلَّوا السرير الذي كان المفلوج مضطجعًا عليه.”. كم كلفهم ذٰلك من جَهد! إنها المحبة التى تحمل إصرارًا لا يُهزم.
• الإيمان
“فلما رأى يسوع إيمانهم، قال للمفلوج: «يا بُنيّ، مغفورة لك خطاياك».”، ثم: “قال للمفلوج: «لك أقول قُم واحمل سريرك واذهب إلى بيتك!». فقام للوقت وحمل السرير وخرج قدام الكل، حتى بُهت الجميع ومجدوا الله قائلين: «ما رأينا مثل هٰذا قط!».”. لقد نال الرجال الأربعة غايتهم، فقد كانوا يحملون في أعماقهم إيمانًا بالسيد المسيح أنه قادر على شفاء ذلك الرجل المفلوج، فالإيمان يُخرج الإنسان إلى الحياة كما يذكر “القديس غريغوريوس أسقف نِيصُص: [الإيمان يكمل كل ما نقَص في معرفتنا، ويهب لنا كل ما هو غير منظور.].