فصل إنجيل هٰذا الأحد من (مر ١٣: ٣-٣٧)؛ وفيه يتحدث السيد المسيح إلى بعض من تلاميذه عن الأحداث التي تسبق هدم الهيكل وخراب “أورُشليم”، وعلامات نهاية العالم: “وفيما هو جالس على جبل الزيتون تجاه الهيكل سأله بطرس ويعقوب ويوحنا وأندراوس على انفراد: «قُل لنا متى يكون هٰذا وما هي العلامة عندما يتم جميع هذا؟” وقد كان ذلك التساؤل ردًّا على الحوار السابق؛ إذ قال له واحد من تلاميذه وهو يغادر الهيكل: “يا معلم، انظر ما هٰذه الحجارة وهٰذه الأبنية؟ فأجاب يسوع: “أتنظر هٰذه الأبنية العظيمة؟ لا يُترك حجر على حجر لا ينقض”. وهٰكذا تحدث إليهم عن علامات هدم الهيكل وخراب “أورُشليم”، ثم انتقل للحديث عن نهاية العالم. وفي الحديث نجد:
علامات البداية: ظهور مُسحاء وأنبياء كذَبة باسم السيد المسيح يهدُفون إلى خداع البشرية، وحُدوث ويلات حُروب، وقيام أمم ضد أمم، مع ثورة الطبيعة من زلازل ومجاعات واضطرابات؛ وهٰذه الأحداث تسبق هدم الهيكل، وأيضًا نهاية العالم.
الكرازة بـ”الإنجيل”: يُكْرز بـ”الإنجيل” في المسكونة، مع اضطهادات من أجل السيد المسيح، وخيانة من أقرب البشر.
علامات النهاية: ظلام الشمس والقمر، تساقط نُجوم السماء، وتزعزُع القوات التي في السماوات، ثم مجيء السيد المسيح في سحاب بقوة كثيرة ومجد.
إلا أن عبور هٰذه الضيقات يكون من خلال:
أولاً: “فانظروا إلى نفوسكم”: أيِ اهتمام الإنسان بحياته الروحية وبثباته في عَلاقته بالله، حتى إنه حين يأتي وقت التجربة يتمكن من العبور ويتزكى أمام الله؛ حتمًا ستأتي الضيقات، وتختلف ضيقة كل إنسان عن الآخر فيجب أن يستعد الإنسان للشهادة من أجل السيد المسيح: هناك من يشهد باحتماله أمراضه بفرح، وهناك من يشهد باحتماله الضيقات والأتعاب من الآخرين، وهناك من يقدم حياته عندما تُسفك دماؤه. لكل إنسان صليب يحمله، وعليه أن يستعد من خلال حياة روحية قوية مع الله، كي يستطيع أن يعبر وادي ظل الموت إلى حيث الأبدية. وما يخفف الآلام ويقوي ضعفك أنك لستَ وحدك؛ فالله لا يتخلى عن كل من اتكل عليه، لذٰلك نحن لا نخشى شيئًا: “لا أخاف شرًّا لأنك أنت معي”.
ثانيًا: “الذي يصبر إلى المنتهى فهٰذا يخلص”: والإنسان الذي له العشرة القوية مع الله يشعر بقوة داخلية وبسلام عميق يملأ حياته؛ وبذٰلك يكون له الصبر إلى أن ينتهي من عُبور جسر الألم ويكلل في الحياة الأبدية. ليكُن لك الصبر والثقة أن الله الذي تتكل عليه، وتُلقي بكل أمورك بين يديه، يعمل ويدبر لك الخير في كل أمورك، وإن كنت لا ترى ذٰلك. إن الثقة هي القوة التي تساند حين تشتد بنا الآلام وتحيط بنا الظلمة ونشعر أننا نهوي، يقول معلٍّمنا “بولُس الرسول”: “فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة” (عب10: 35).
ثالثًا: “اسهروا وصلوا”: إن سهر كل إنسان على حياته وحديثه مع الله من خلال الصلاة هما سر القوة في حياته؛ فلا تغفل عن حياتك وأبديتك حتى لا تُسرق منك نعمك وأبديتك، وتندس إليك خُلسة الثعالب المفسدة للكروم، فنحن لا نعلم متى يكون وقت الاختبار الذي يمر به كل إنسان؛ ولٰكن ها قد سبق السيد المسيح وأخبرنا بكل شيء لكي نصبر ونستعد.