أهنئكم اليوم بـ”عيد القيامة” الذي يحتفل به أقباط “مِصر” ومَسيحيو الشرق، راجيًا من الله أن يُنعم على “مِصر” بالخير والسلام، والعالم بالهدوء والطُّمأنينة والنجاة من الوباء.
يحاول بعضٌ التشكيك في وجود قيامة للأموات، مدعين أن الموت هو نهاية الإنسان والخليقة بأسرها، رافضين حقيقة الحياة الأبدية. وتتعدد الأسباب لهٰذه الادعاءات؛ منها ما هو مبنيّ على اختبارات شخصية سببت آلامًا لأصحابها، ولم يتمكنوا من تجاوز مشاعرها فسكنت أعماقهم، فعكست ودسَّت أفكارًا في عقولهم رافضة لهٰذه الإيمانيات. وربما هو تخبط بسبب عدم فَهم بعض الأحداث في العالم من حولهم، إلا أن هٰذا لا يُلغي حقيقة “القيامة”، ويومًا يقدم فيه كل إنسان حسابًا عن نفسه.
وفي “القيامة”، لم يعُد الموت الذي جزِع منه البشر قديمًا هو باب الهاوية، بل صار جسرًا تعبر عليه الروح إلى طريق الأبدية: فإما الحياة في السماء إن سلك الإنسان طريق الخير، وإما الموت إن كان اختياره الشر. لذٰلك، أصبح الموت هو بداية طريق حياة حقيقية لانهائية.
وحين نحتفل بتَذكار “قيامة السيد المسيح من بين الأموات”، نتذكر حقائق عدة ينبغي أن ننتبه إليها، ونضعها نصب أعيننا: منها أن الحياة ما هي إلا مرحلة مؤقتة مهما امتدت، ويجب أن يعيشها الإنسان من أجل البناء والخير؛ فهي مرحلة ما يزرعه الإنسان في أرض عمره، فيها من يزرعون الأزهار، وفيها من يزرعون الشوك، وكلٌّ سوف يجني حصاد ما زرعه. وكم من أناس قدموا حياتهم زي من أجل خير البشرية وتقدُّمها! مدوا أيدي المساعدة للآخرين، مشاركين إياهم آلامهم وأتعابهم، ساعين من أجل إراحتهم، في محبة نابعة من محبتهم لله، واثقين أن الله هو المجازي كل إنسان بحسب أعماله خيرًا أو شرًا. وهٰكذا تذكرنا “القيامة” بأن مسؤولية الحياة الواقعة على عاتق كل إنسان هي رهن اختياراته وقراراته. لذٰلك لتكُن دعوتنا في “عيد القيامة” اليوم: دعوة محبة وسلام للجميع، دعوة بناء وتعمير، دعوة مسيرة واحدة في طريق الحياة، يعضد كل منا فيها الآخر فنمتلئ جميعًا بأفراح “القيامة”.
كل عام وجميعكم بخير.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأرثوذكسيّ