ضمن سلسلة إصدارات المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي للكتب
صدر حديثا كتاب: “شرح وتفسير ليتورجية القديس باسيليوس الكبير”
من إعداد الأرشيدياكون أ. د. د. د. رشدي واصف بهمان
أستاذ ورئيس قسم العبادة والليتورجيا بالكلية الإكليريكية بالقاهرة
المتقدم في شمامسة الكاتدرائية المرقسية
تقديم
ما لاشك فيه أن أحد أسباب ثبات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هو أنها محافظة على ما قد تسلمته من الشهيد مار مرقس الرسول، مروراً بالكنيسة الجامعة. فنجاح الكنيسة المصرية الأرثوذكسية على مر التاريخ هو لأنها تصلي وتحيا بما تؤمن به وتؤمن بما تصليه وتحياه به.
لقد ضمت الكنيسة آباء عظماء على مر تاريخها، استضاءت المسكونة بتعاليمهم كالقديس البابا أثناسيوس الرسولي الذي ترك لنا واحدًا من أعظم أعماله: «تجسد الكلمة»، والقديس البابا كيرلس الأول الشهير به «عمود الدين» الذي ترك لنا أعمالاً جليلة خالدة في تفاسير الكتاب المقدس وشرح خلاص البشر بتجسد كلمة الله، فأنار بتعاليمه وشروحاته البارعة السبيل إلى فهم طبيعة المسيح، ووضح لنا أن ما كتبه أنبياء العهد القديم بالروح القدس من إشارات قد تحقق في شخص المسيح وعمله الخلاصي فمثلاً يقول: «لقد سبق الإنباء بفم النبي أن هذا سيحدث للمسيح بقوله: بذلت ظهري للسياط وخدي للذين يلطمون (إش ٦:٥٠ س). لقد قادوه في النهاية إلى ما سبق التنبؤ به منذ زمن بعيد، أعني اتهامه بما ادعوه عليه. فما عاناه هو نفسه صار إلغاء للعار الذي نستحقه، لأننا أخطأنا في آدم أولاً، ودسنا الوصية الإلهية بأقدامنا لأنه أهين من أجلنا، إذ قد حمل خطايانا على نفسه، كما يقول النبي وصار مذلولاً بسببنا (انظر إش ٥٣ ٤ و ٥ س) (شرح إنجيل يوحنا المجلد الثاني القديس كيرلس الإسكندري ترجمة نصحي عبد الشهيد وآخرين، الطبعة الثانية ۲۰۱۹ الصفحة (٤٣١ كما قال: حينما يتكلم الأنبياء المباركون عن كلمة الله الوحيد. فإنهم – أي الأنبياء – يقودوننا إلى الاقتناع أنه أظهر كمخلص ومحرر لأولئك الذين على الأرض، وذلك بقولهم «قم يا رب أعني» (مز (٤٤ ٣٦. لذلك قام وأعان، وذلك باتخاذه صورة عبد، إذ قد صار في شبه الناس، فإنه كواحد منا قد أقام نفسه كمنتقم بدلاً مناء منتقم من تلك الحية القاتلة والمتمردة التي أدخلت الخطية إلينا، وبذلك جعلت الفساد والموت يملكان الأرض، فإننا بواسطته وفيه نحصل على النصرة، بينما كنا في القديم مهزومين وساقطين في آدم (تفسير إنجيل لوقا عظة ۱۲ أ، القديس كيرلس الإسكندري ترجمة نصحي عبد الشهيد الطبعة الثالثة ٢٠١٦، الصفحة ٧٤)
هكذا نرى تعاليم آباء كنيسة الإسكندرية الذين دعوا بـ«قضاة المسكونة» وكانوا أحد أسباب قوة الكنيسة ورسوخها حتى الآن وإلى أبد الدهر.
إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي كنيسة مصلية عابدة، تحب الصلوات الجماعية (الليتورجيا)، وتحافظ دائما على صلواتها ومواعيدها ونظامها وترتيبها. وعند النظر إلى صلواتها فإننا نجد عقيدتها ظاهرة جلية والكنيسة ترددها يوميًا في عباداتها وصلواتها.
ومن خلال هذا البحث، يصطحبنا الأرشيدياكون .أ. د. .د. د. رشدي واصف بهمان لكي نعرف كثيراً من جذور صلوات الكنيسة؛ وهو بالطبع جهد مشكور ومبارك. الرب قادر أن يستخدم هذا البحث لمجد اسمه القدوس ومنفعة كنيسته المقدسة. ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن إلى الأبد. آمين.
الثلاثون من بابه ۱۷۳۹ ش التاسع من نوفمبر ٢٠٢٢ م
تذكار ظهور رأس القديس مار مرقس الرسول وتكريس كنيسته بالإسكندرية
الأنبا إرميا الأسقف العام رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي