تُعد إحدى العلامات لنُمُو الإنسان فى الحياة استمرار تقدمه فى خَطوات إلى الأمام فى طريق حياته، حتى إن كانت ببطء ! فكما يقولون : “إن السير ببطء فى الطريق الصحيح أفضل من التوقف أو من الإسراع فى الاتجاه الخاطئ”. لٰكن يجب أن يُدرك كل منا حقيقة أنه قد تمر بنا لحظات أو مواقف تُعِيدنا خَطوة أو خَطوات إلى الوراء، فلا تتملكك مشاعر الإحباط والانفعال، بل تمالك وغيِّرها إلى طاقة جديدة تحركك إلى الأمام. وإن رجَعتَ خَطوة إلى الوراء، فعليك أن:
• تجلس إلى نفسك وتبحث عن أسباب تراجعك، وتكون أمينًا فى دراسة الأمر فلا تبحث عن أسباب واهية غير حقيقية . ومتى أدركتَ الأسباب، أمكنك تفاديها فى المرات المقبلة، أو تعديلها، وبذٰلك تحفظ تقدمك فى الحياة . ومن الجائز أن الأسباب هى : سوء تقدير، أو حسابات خاطئة، أو خطأ قمت به، أو أسلوب غير مناسب استخدمته، أو انشغال عن أهدافك الأساسية التى وضعتَها لنفسك. ابحث عن الأسباب التى ترتبط بك أولًا، دون تجمُّل أو تبرير، فتخطو بذٰلك خَطوتك الأولى فى العودة والانطلاق سريعًا، وبقوة، فى الطريق الذى رسمتَه لذاتك . أمّا إن بدأتَ فى البحث عن مواقف، أو آخرين، لتُلقى عليهم تبعات تَرَديّك إلى الوراء، فثِق أنك تائه فى طريق الحياة . إن الحياة مسؤولية وُضعت بين يديك، فاحمِلها وسِر وأنت تعدِّل من ذاتك لتصبح جديرا بها ؛ إنها مسؤولية سوف تحاسَب عنها لا من بشر بل ممن وهبها لك : الله، تبارك اسمه .
• عندما تجد الأسباب الحقيقية: اُدرُس كيفية تعديلها، وكُن قويًّا وعلى قدر المسؤولية، واتخذ القرارات الصحيحة والمناسبة التى يجب عليك اتخاذها . إن المعرفة التى لا يتبعها سلوك هى معرفة عقلية فقط، لا تؤثر فى حياتك أو حياة من حولك: إنها مثل كَنز دفنه صاحبه، دون أن يخدُم به أحدًا ولا نفسه أيضا! ثم قُم بتنفيذ ما اتخذته من قرارات.
• كُن يقظًا ومرنًا فى خَطواتك، وعدِّلها هى واتجاهاتك وأساليبك إن كانت لا تلائم أهدافك، فاليقظة والمرونة تجنبان صاحبهما الوقوع فى كثير من الأخطاء.
• لا تُهدر وقتك فى الندم ومحاسبة النفس على أخطاء أصبحت جزءًا من ماضٍ لن يعود ولن يمكنك تغييره، بل انطلق بقوة أكبر فى الحياة، واعيًا درسًا جديدًا من دُروسها. إن قطار الحياة لم يمضِ بعد، فما يزال حاضر ومستقبل ينتظرانك. وتذكَّر تلك الكلمات التى تقول: “لا تيأس إن رجعتَ خطوة إلى الوراء، ولا تنسَ أن السهم يحتاج أن تُرجعه إلى الوراء لينطلق بقوة إلى الأمام.”.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسيّ.