بينما نسير فى رحلة الحياة، يعترض طريقنا كثير من المشكلات والأحداث، إلا أننى اليوم أريد أن أتحدث عن “مغريات الطريق”، نعم: ففى الطريق أيضًا مغريات تحاول أن تُبعد الإنسان عن أهدافه التى وضعها لنفسه فى حياته. يقولون: “صاحب الهدف لا يلتفت لمغريات الطريق”. وأقصد بالمغريات الأمور التى تحاول جذب انتباه الإنسان فى محاولة لإيهامه بالسعادة والراحة والقوة ليَحيد عن طريق ارتسمه لنفسه يبغى الوصول إلى نهايته.
ومن الممكن أن تكون مغريات الطريق هى فى “الراحة” التى يعتقد بعض الناس أنها تمنحهم سعادة ، لٰكنهم لا ينتبهون أنها قد تسرق منهم الوقت الذى خصص للعمل لتحقيق ما لديهم من آمال . إن أولٰئك الذين يرغبون فى النجاح وتحقيق الإنجازات والتميز فى حياتهم عليهم أن يُدركوا أهمية بذل الجهد والعمل لتحقيق ذٰلك. يقول الكاتب المسرحى الشاعر البريطانى “وليَم شكسبير”: “ثلاثة عبارات لتحقيق النجاح: «كُن أعلم من غيرك»، «اعمَل أكثر من الآخرين» ، «توقَّع أقل مما يحصل عليه الآخرون»”.
أيضا قد يرى بعض آخر فى الراحة أنها الابتعاد عن الصعاب التى تعوِّق طريق الحياة؛ فيسعون لحقيق ذٰلك بكل طريقة ممكنة، دون أن يعلموا أن تلك الصعاب قد تكون هى سر النجاح. وأتذكر قصة الكاتبة البريطانية “ﭽوان رُولِنج” ـ مؤلفة سلسلة “هارى بُوتر” ـ التى لم تحصل على درجات جيدة فى دراستها فكان ذٰلك حافزًا لها أن تغيره فقررت أن تكون من أفضل الطلبة؛ لتحقق ذلك بالفعل فى الفصل الدراسى التالى إذ عمِلت بجِد واجتهاد. وتمر الأيام لتذهب “رُولِنج” إلى “البرتغال” لتدرُس اللغة الإنجليزية، وتتزوج، وكان زوجها شديد الغيرة فتفاقمت المشكلات بينهما حتى قام بطردها من البيت فجرًا هى وطفلتها!! غادرت “البرتغال” لتعيش مع شقيقتها فى “بريطانيا”، وتحيا حياة شديدة الفقر، حيث توجهت إلى مكتب للخِدْمات الاجتماعية كى ما تتمكن من الحصول على مساعدة مادية لاستئجار منزل وتربية طفلتها.
لم تقف “رُولِنج” عند حد الفشل الذى ملأ حياتها، بل بدأت تبحث عن مواهبها التى أُعطيت إياها من الله: فبدأت فى كتابة رواية تستوحى وقائعها من تلك الأساطير والقصص التى سمعتها أو قرأتها، وعندما انتهت من قصتها، عرضتها على عدد من الناشرين رفضوا جميعًا نشرها!! لم تستسلم لليأس واستمرت فى عرض قصتها حتى قبلها الناشر الثالث عشَر!! هٰذا كان قد أنشأ قسمًا جديدًا لديه لنشر إنتاج الشباب، فنشر لها “مغامرات هارى بُوتر”. لقد تحول الفشل فى حياة ” جوان رُولِنج” إلى نجاح عالميّ؛ لتَضحَى هى أغنى امرأة فى “بريطانيا” فى مدة لم تتجاوز عشْر سنوات، مع نجاح وشهرة كبيرين!! لقد كانت الصعاب فى حياتها هى ما جعلها تفكر فى البحث داخلها عن ما تمتلِكه من مواهب تتغلب به على ما تعانيه من بؤس وفقر وإحباط وفشل، لتخُطّ على أوراقها رحلة نجاح جديدة.
ثِق أن “الراحة” فى كثير من الأحيان تُخفى ما لديك من كُنوز، ولن تصل بك إلى أى من محطات النجاح فى حياتك.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى