تحدثنا في المقالة السابقة عن أحد مبادئ المعاملات الإنسانية: أنه ليس بالضرورة أن يرى الآخرون الأمور كما تراها أنت! وذٰلك من خلال استكمال قصة “ذات القبعة الحمراء” ووحشها الصغير حين قدم لنا مشاعره في المواقف والأحداث حيث شعر أنه يفقد حريته وسعادته؛ لذٰلك فالعَلاقات الإنسانية الناجحة يحتاج فيها كل إنسان أن يستمع ويتفهم رؤية أخيه للأمور لكي يُدركا معنى الحياة في سلام ومحبة وتوافق، فيعملان معًا ويبنيان كفريق واحد.
من هنا نجد أن العَلاقات الإنسانية يجب أن تكون إحدى قواعدها “الإيجابية”؛ إيجابية: الفكر نحو الآخر، والتعامل، والمبادرة؛ في عَلاقة ترابط إذ كل منهما مبنيّ على أساس الآخر.
إيجابية الفكر
يقولون: “إن بناء عَلاقات إنسانية ناجحة يبدأ بالموقف الإنسانيّ الإيجابيّ.”. وفي واقع الأمر، علينا أن نُدرك أن هناك أسلوبين لرؤية الأشخاص: فإما أن تراهم على نحو إيجابيّ في إطار العائلة الإنسانية الواحدة التي خلقها الله ووهب لها الخير ليسيروا على دربه، وإما أن تراهم أدنى منك، ممتلئين شرًّا وحسدًا لا يعرفون للخير سبيلاً. وكل فكر يحوي في طِياته أسلوب التعامل، فإن كنت تحمل الإيجابية في أفكارك فحتمًا ستتفاعل مع الآخرين بإيجابية وبمحبة، محاولاً تفهم حقيقة ما يقصودنه من تصرفاتهم. أمّا إن كانت لك الأفكار السلبية، فلن ترى سوى المشكلات والجوانب السلبية التي تجعل من الحياة أمرًا صعبًا.
إيجابية التعامل
تتأثر إيجابية المعاملات بين البشر بما يختزنونه من أفكار بعضهم عن بعض، ومن ثَم تتولد المشاعر سواء بالسلب أو بالإيجاب؛ فعلى سبيل المثال: كيف يمكن أن يعامل إنسان بأسلوب إيجابيّ شخصًا وضع في ذهنه عنه أفكارًا سلبية مثل أنه فاسد أو خائن؟! كيف نتعاون معًا، وأنت ترى أنني غير كفء أو أدنى منك؟!!
هٰكذا تكون المشاعر الإيجابية، التي هي نتاج أفكار الإنسان الإيجابية نحو الآخرين، هي ما يدفعه إلى التعامل بأسلوب جيد. كذٰلك تعتبر محبة الناس هي الخطوة الأولى، قيل: “أولى المواقف الإيجابية في إنشاء عَلاقة إيجابية هي «محبة الناس» ابتداءً، فمحبة الناس لك هي أصلاً انعكاس محبتك لهم، فيفتح الناس لك قلوبهم كما تتفتح الزهور لأشعة الشمس.”. ومن أبسط التعاملات الإيجابية في الحياة هي استخدام الابتسامة؛ يقول الكاتب الفيلسوف الفرنسيّ “ڤولتير”: “الابتسامة تُذيب الجليد، وتنشر الارتياح، وهي بلسم للجُرح؛ إنها مِفتاح العَلاقات الإنسانية الصافية.”.
إيجابية المبادرة
حين تكون لك إيجابية الفكر التي تدعم مشاعرك الإيجابية نحو الآخرين، متحليًا بالمحبة والابتسامة، فحتمًا تكون لك المبادرات الإيجابية في الحياة بكل ما تحمل من معانٍ، ويمكنك أن تَعضُد وتساند الآخرين، وفي وقت آلامك تجد من يقف إلى جوارك يشدد من أزرك، ويكون من السهل عليك أن تعبر مشقة طريق الحياة مع رفقاء الطريق. إنها الحياة التي يمكننا أن نجعلها ممتلئة بالسعادة أو نَزيدها شقاءً!
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ