بعد أيام قليلة، يُسدل الستار على عام 2014م ليبدأ عام 2015م. ربما حمَل العام السابق إلى كل إنسان بعضـًا من السعادة، أو شيئـًا من الآلام، إلا أنه يمضى مثلما تمضى الأزمان، ولا نتوقف إلا عند المِحطات الهامة التى عبرت بحياة كل منا.
ومع نهاية عام وبداية آخر، أهنئكم جميعـًا بعام جديد، متمنيـًا كل خير وسعادة للمِصريين، ومِصر، والبلاد العربية، والعالم بأسره. ومع هٰذه البداية، أضع أمام قارئنا العزيز بعض التساؤلات التى تحدثنا عنها عبر رحلة طويلة من المقالات.
لقد بدأنا سلسلة المقالات بالحديث عن أهمية رحلة الحياة والأهداف أو الآمال التى وضعها الإنسان لذاته ويرغب فى تحقيقها عبر تلك الرحلة، وأن الحياة بلا هدف تُعد كمن يسير فى طريق بلا وِجهة فلا يصل إلى أى مكان، ومع نهاية العام، أدعوك إلى التساؤل عن أهدافك وتحقيقها. وفى بداية عام جديد، أذكّرك بأن الحياة بلا هدف هى شجرة بلا ثمر، والنتيجة عدم الوصول إلى تحقيق أى إنجاز.
وتحدثنا أيضـًا عن قيمة الحياة وعمق تأثيرها حينما تقدِّم وتمنح الآخرين السعادة. ولذٰلك أدعوك إلى أن تفكر فى كل إنسان قدَّمت إليه يد المعونة وساعدته بوقتك، أو بجهدك، أو بخبرتك، أو بعملك، أو بمالك؛ عن أولٰئك الذين عبرتَ معهم أزماتهم أو بنَيتَ لهم جسورًا من الأمل فى بحار اليأس التى صارعوا أمواجها. لقد وهب لك الله 365 يومـًا، فما الذى قدَّمتَه إلى من التقاك فى طريقك؟ أن ما صنعتَه مع كل إنسان هو رصيدك الحقيقى فى هٰذا العام. وماذا عن حياتك؟ وإمكاناتك التى أعطاك الله إياها؟ هل استثمرت تلك المواهب لتفتح بها أبوابـًا كثيرًا ما ظننتَ أنها مغلقة لا محالة، ولا أمل فى فتحها؟!! استطعتَ أن تتعلم كيف تجمع حجارة الفشل لتصنع منها سُلَّمـًا للنجاح، أوَ جمَعتَ النقاط السوداء فى صفحة الحياة لترسم بها أجمل المقطوعات الموسيقية، أم أن عواصف اليأس اجتاحت حياتك واستسلمتَ ملقيـًا أسبابك على الحظ العاثر والأقدار؟!
فى عام مضى، تحتاج إلى أن تقيِّم وتعرِف كيف سارت بك الأيام، وإلى أى مدى قطعتَ فى طريق الحياة. يعوزك أن تعرِف، أسلكتَ الطريق الذى يقودك إلى ما تتمناه، أم أنك فقدتَ الزمن الذى لن تستطيع استرداده وامتلاكه مرة أخرى. إن كنتَ استطعت استثمار أيامك وتقدَّمتَ، فلتبدأ فى تخطيط عامك الجديد لتنمو أكثر، وإن سلكتَ الطريق ولٰكنك تعثرت فيه، فلا تحزن فقد تعلمتَ وتدربتَ على السَّير فى الحياة بخبرة ستساعدك على النمو. وإن لم تستثمر أيامك، فابدأ الآن وشجِّع نفسك: “فلنبدأ بدءًا حسنـًا”، وضاعف عملك وجُهدك؛ لتعوض ما فاتك. لقد وهب لك الله عامـًا جديدًا فلا تفقده؛ لأنك يومـًا ما ستحاسَب عنه. أتمنى لكم عامـًا جديدًا ممتلئـًا بالعمل والإنجازات.
الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى