تحت رعاية وحضور قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وشريكه في الخدمة الرسولية نيافة الحبر الجليل الأنبا إرميا الأسقف العام رئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، أقام المركز يوم الاثنين الموافق ٢١ مارس 2022م الاحتفالية السنوية للمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي لتكريم الامهات المثاليات.
وبكلمات مؤثرة القى نيافة الأنبا إرميا كلمته وجاء نصها كالتالي:
باسم أبي صاحب القداسة الانبا تواضروس الثاني نرحب بالسادة الحضور ونرحب بمعالي الدكتورة/ ياسمين فؤاد وزير البيئة وسيدات مصر الفضليات امهاتنا الكرام اللاتي نحتفل بهم في هذه الليلة بعيد الام الذي يتوافق مع بدء فصل الربيع، تلك الاحتفالية الخاصة التي نتحدث فيها عن تلك المحبة الخالصة التي لا تبحث عن نفسها بل ما هو للآخرين، فقلب كل ام يحمل حب خاص وخالصا، فقد قيل عنها لا تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها، فمحبة الأم محبة بلا حدود تضخي بحياتها.
لقد قرأت قصة حدثت بعد زلزال رهيب سقط فيه منزل كبير وبعد ان انتهى الزلزال جاء رجال الانقاذ لترى من هو حي ومن هو ميت فوجدوا امرأة شابه متوفيه لكن هذه المرأة كانت تتخذ وضع غريب فقد كانت ساجده وجسدها كله مسحوق ومتهشمه الرأس والظهر وبعد ان ازالوا اكوام الانقاض بصعوبة شديدة وجدوا طفل ملفوف ببطانية وكان ابن ٣شهور ونائم في هدوء عجيب، وبعد ان فتحوا البطانية وجدوا موبايل صغير مسجل عليه رسالة بصوت الام تقول لابنها ” انا احبك ياولدي تذكر هذا لقد ضحيت بحياتي من اجلك يا صغيري انا احبك فلا تنسى هذا إلى الأبد.
فمحبة الام هي المحبة الوحيدة التي بلا حدود، فمحبتها تبني كل ما هو ايجابي فهي تبث الثقة في نفوس الجميع وتغير المستقبل وهنا نتذكر ما فعلته هذه الام مع ابنها عندما جاءها خطاب من مدرسه بالمدرسة مكتوب فيه “ابنك مختل عقليا” كانت الام تقرأ الخطاب ودموعها تسيل وعندما سألها ابنها ما المكتوب في هذا الخطاب اجابته ان المكتوب هو ” ابنك عبقري جدا واذكى من جميع الموجودين بالفصل ولا يوجد مدرسين جيدين.. فعلميه بنفسك” والحقيقة غير ذلك.. ومنذ هذا اليوم بدأت الام في تعليم ابنها ومرت السنوات حتى اصبح هذا الطفل هو العالم “توماس اديسون” اعظم مخترع في التاريخ وهو من اخترع المصباح الكهربائي الذي انار لنا جميعا، وفي يوم من الايام وهو يقلب في اوراق والدته وجد الخطاب الذي ارسله مدرسه لوالدته مكتوب فيه “ابنك مختل عقليا ولا يمكنه الذهاب للمدرسة” فبكى اديسون وادرك محبه امه التي حولته من مختل إلى أعظم مخترع في التاريخ.
اما هذه القصة والتي تعبر عن محبة الام التي تتخطى الصعاب. هذه القصة عايشتها بنفسي وأعرف كل افرادها فهي ام ربيت ابنها تربية حسنة بعد ان ترملت عليه وتخرج من الجامعة وكان متفوقا وذهب هذا الابن ليتقدم لوظيفة فنجح في اول مقابلة وكذلك التالية إلى ان التقى بمدير الشركة الذي سأله عن سيرته الذاتية وبما انه كان متفوقا فسأله هل اخذت دروس في الثانوية العامة او الجامعة؟ فأجاب الشاب (لا) فساله هل والدك كان يدفع مصاريف الدراسة؟ فأجاب ان والده متوفي وامي هي المتكفل بمصاريف دراستي فسأله المدير عن وظيفة والدته؟ فنظر إلى اسفل واجاب والدتي تغسل الثياب.. وكان المدير حكيم فطلب منه طلب غريب عندما قال له وريني ايدك فوجدها ناعمه فقال له هل كنت تساعد والدتك في عملها؟ فأجابه بانها كانت ترفص كانت عايزاني انتبه لدروسي وتفوقي فطلب منه المدير طلب اخر هو ان يذهب الى والدته ويغسل يديها.. فرجع الشاب الى المنزل وحكى لوالدته ما حدث معه وهو سعيد لأنه شعر انه اقترب لشغل الوظيفة دون وساطة وطلب من امه طلب وهو ان يغسل يدها فتعجبت فأعطته يدها وبدأ يغسل يديها ودموعه سالت بغزارة وذلك لأنه وجد يد امه مليئة بالكدمات والتجاعيد، واول مرة يعرف ان هذه التجاعيد والكدمات ثمن تفوقه ونجاحه، وفي الصباح عاد للمدير وسأله عملت ايه امبارح؟ فأجابه الشاب غسلت ايدين امي وكل الملابس الموجودة. فساله المدير وما كان شعورك؟ اجابه الشاب ادركت معنى العرفان بالجميل فلولا امي والتضحية التي قدمتها لما كنت عليه الان وتاني حاجة ان الشغل متعب ومجهد وتالت حاجة عرفت قيمة العيلة. فأخذه المدير وقال هو ده اللي بدور عليه وهشغلك في الوظيفة علشان هتقدر تساعد بيها الناس. بالفعل هذا الشخص في مكان مرموق يحظى باحترام الجميع وكل اللي عملوا معاه بيحسوا انه سبب نجاح الشركة وسبب بركة. واختتم نيافة الانبا ارميا كلمته الام تحمل وتتحمل كل الجروح ولكي لا اطيل على حضراتكم في هذه الليلة التي نود ان نستمع لكلمات قداسة البابا تواضروس الثاني اقول لكل ام في مصر ولكل ام حاضرة كل سنة وانتي طيبة فاليوم هو يوم العرفان الذي قيل عنه ” حين تسقط فالجميع يسألك عن سبب سقوطك” إلا واحدة وهي امك..
الام هي رمز العطاء اللامحدود والصبر والكرم والتضحية . الشخص الذي يعطي ولا ينتظر هذا العطاء والام المصرية هي عامود اساسي للأسرة والاكثر من هذا هي مدرسة الوطنية الممتدة عبر التاريخ فهي الام والزوجة والأبنة والجدة التي خلدت بتضحيتها في بناء دولة ٣٠ يونيه بالجمهورية الجديدة، فمنذ ان تقدمت الصفوف لدعم الوطن وقدمت الشهداء الذين ناضلوا ضد قوى الشر .. هي الام والزوجة التي تدبر الامور واستطاعت ان تعبر محن اجتماعية واقتصادية فهي من كانت تنسج بفكرها خطط التدبير الحقيقي.
فالست والأم المصرية هي وقود الحياة وعين المستقبل وهي الينبوع الذي ينفجر منه جميع عواطف الخير. والأم هي من تصنع الأمة. عيد سعيد على أمهات مصر العظيمات.