في منتدى “حوار الشرق والغرب” الذي عُقد في “إيطاليا” قبل أيام قليلة، أثير عدد من الموضوعات التي ترتبط بالأديان والأوطان؛ فالأوطان ليست مجرد دول يعيش أبناؤها على أراضيها، إنما هي التي صارت جزءًا لا يتجزأ من أعماقهم، يحملون لها المشاعر الجياشة والولاء؛ وبذٰلك يكون الوطنيّ هو من يحب بلاده، ويدعم وجودها، ويصون مصالحها. أمّا الأديان فهي تلك الرابطة بين الإنسان وخالقه التي يجد فيها رسالته الإنسانية في تحقيق السعادة للآخرين. وهٰكذا يرتبط المفهوم الحقيقيّ للدين ـ الذي وُجد من أجل حياة الإنسان ـ بوجود الوطن الذي ينتمي إليه ويعمل على بنائه. وعلى هامش المنتدى: أجد أنه يجب علينا أن نُدرك بعض الحقائق التي نعيشها في عالم جعلته “العولمة” أشبه بقرية صغيرة يتأثر أفرادها جميعًا بما يمر بهم من أحداث متسارعة متلاحقة، وبما يعانونه من مصاعب ومشكلات.
أولاً: لا يُمْكن إنسانًا أن يسير بمفرده في طريق الحياة، وإن أردنا أن تمتلئ دُروبنا ومجتمعاتنا بل عالمنا بالسلام، فعلى كل منا أن يتعلم كيفية التعايش مع الآخرين على الرغم من الاختلافات الموجودة بيننا. فمن خلال القواعد المشتركة التي تنادي بها الأديان مثل: الأمانة والإخلاص، والود، والرحمة، والسلام … إلخ، يجب أن نُعلم ونتعلم: كيف تكون الحياة الإنسانية في المجتمعات التي تهدُف إلى النمُو والنجاح والاستقرار؟ أمّا المعتقدات الخاصة فهي عَلاقة كل إنسان بالله وهو وحده ـ تبارك اسمه ـ من سيسأل عنها. وفي اعتقادي وإيماني الراسخ أنه متى تمكنت الشعوب من التعايش داخل مجتمعاتها وسارت نحو البناء، فحتمًا يكون لهٰذا تأثيره في السلام العالميّ بأسره؛ بل من الممكن أن يكون أولى خطوات الطريق نحو عالم واحد يسعى من أجل خير الإنسانية بأسرها؛ وحينئذ تكون للجميع إمكانية العيش تحت مِظلة السلام والرخاء اللذين يفتقدهما العالم اليوم.
ثانيًا: علينا قَبول الاختلاف؛ فعلى سبيل المثال: الأسرة في داخلها تختلف شخصيات أفرادها وطبائعهم، ولكي تظل صامدة ضد رياح الانهيار على كل منهم أن يخطو نحو الآخر في اقتناع بأهمية ازدياد قدرة كل منهم على التعايش مع الآخر. ومن الأسرة الصغيرة تنطلق المفاهيم الإنسانية التي يتعلمها كل فرد في حياته لتتحول إلى مبادئ يسلك بموجِبها.
ثالثًا: لا تنتظر التغيير بل ابدأ التغيُّر؛ إن التغير الذي نطلبه في الأسرة والمجتمع يبدأ من ذات الشخص أولاً، فقبل أن يطالب الآخرين بمد يد المصافحة إليه، عليه أن يتعلم أولاً كيف يقدمها مصافحًا. و… وللحديث بقية،،،
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ