يقولون: “امضِ في حياتك، ولا تلتفت كثيرًا إلى ما يفكر فيه الآخرون. فقط: افعل ما يجب عليك فعله.”. تحدثنا في المقالتين السابقتين عن أن “الآن” هو موعد بَدء الإنسان للعمل فيما يرغِب في تحقيقه على مدار رحلة حياته، وأيضًا هو موعد اتخاذ خطواته الجادة لاجتياز ما به من نقاط ضعف أو عيوب بتقييم صادق حقيقيّ وواقعيّ لنفسه، ما يُعد نقطة انطلاق نحو العمل بإيجابية وتقدم من نحو ذاته. و”الآن” هو أيضًا موعد بَدء انطلاقك نحو تنفيذ الأهداف التي وضعتها لنفسك وحياتك.
بدايةً أود توضيح أن عبارة “لا تلتفت كثيرًا إلى ما يفكر فيه الناس” لا تعني تجاهل آراء الناس وأفكارهم في الحياة وعدم تقييمها على نحو صحيح، إنما تجاهل لكل دعوة تحاول أن تغرس في أعماقك اليأس، والسلبية من الحياة، وعدم استثمار قدراتك؛ من أجل أن تثبِّط عزيمتك عن تحقيق النجاح. فقصة “حجا وابنه” ما تزال تتكرر في جميع الأزمان، ولن تجد جميع الناس يشجعونك، وحتمًا هناك من يعترض طريقك بوضع عراقيل. وفي ظل جميع الأمور، ضَع جميع أمورك بين يدي الله، وثِقْ بما وهبه لك، وأنت سائر نحو “ما يجب عليك فعله”. ودعني أقول إن “ما يجب علينا فعله” هو ما خلقنا الله من أجله: بناء الحياة، وإثراؤها بكل الخير والسلام. فلا نجاح تفوح منه رائحة الكراهية والبغضة، ولا نجاح يقتُل السلام بين البشر، ولا نجاح في ظل الخوف والموت، ولا نجاح دون مبادئنا الإنسانية.
أيضًا ما يزال الوقت أمام كل إنسان لتحقيق ما قدمه من وعود، سواء لنفسه أو لآخرين. فإن كانت هموم الحياة ومشكلاتها قد ألقت بثقلها على وعود اتخذتها ذات يوم، فقطار الحياة لم يمضِ بعد، ويمكنك أن تعمل بجميع ما أتاك الله إياه من قوة من أجل تحقيقها.
نعم، ما يزال الوقت لأنْ تعود إلى طريق الله، حيث المحبة والمودة والرحمة للجميع دون تفريق، حتى إن كانت خطواتك قد تاهت طريقها، وكنت أحد الذين لم ينتبهوا في سيرهم في طرق حياتهم، فمن دون شك ستجد كل الخير والسلام.
كثير من الأمور ما تزال أمامك الفرصة لتحقيقها، وإن فر من بين يديك زمن طويل! عليك أن تبدأ في العمل فقط، ولا تقف موقف المشاهد الذي لا تعنيه أمور الحياة إذ هي حياتك أنت، وهي لن تنتهي هنا، بل تمتد وَفقًا لما بذرته فيها على الأرض. يقول الروائيّ الفرنسيّ “جوستاف فلوبيير”: “تمر معظم أوقات الحياة، والناس تقول: لم يَحِن الوقت، ثم يرددون: فات الأوان!”، فلا تكُن أحدهم.
الأُسقف العام رئيس المركز الثقافيّ القبطيّ الأُرثوذكسيّ