يقولون: «هناك أناس تحدثهم عن الألم فيحدثونك عن الأمل! وهؤلاء هم من نحتاجهم دائمًا بالقرب منا». إن العالم يمتلئ بصراعات وضيقات وكوارث وحُروب، إلا أنه لم يختفِ منه بصيص الأمل الذي لولاه لما استطاع البشر أن يواصلوا الاستمرار في الحياة.
فروحيًّا نجد أن الأمل هو من أهم المشجعات علي استمرار الإنسان في حياة روحية جيدة. والانسان الخاطئ لن يعود عن طريقه إلا إن وجد من يزرع الأمل في قلبه بقبول توبته، وإمكانية تغير حياته إلي الأفضل، ليصير إنسانًا جادًّا يسعي في حياته نحوالخير.
وبنظرة عامة في الحياة، نجد أن الأمل هوما يساعد الإنسان علي تخطي كل ما يجتازه من عقبات؛ كما هو يقوده إلي العمل بهمة ونشاط حتي يحقق ما يتمناه من النجاح في الحياة. والحياة تمتلئ بقِصص من هٰذا النوع؛ فكم من طلاب شعروا أن الأمور قد انتهت وأنهم لن يستطيعوا النجاح، ومع شخص يقدم إليهم الأمل استطاعوا تحقيق كثير النجاح! وكم من إنسان في عمله يشعر بالإخفاق الشديد، وتتحول حياته من خلال بريق أمل يزرعه زميل له أوقريب أوجار، فيبذُِل جهدًا في التفكير والعمل حتي يحقق نجاحًا بل تميزًا!!
وهٰكذا أمور كثيرة تعبُر بنا في الحياة تحتاج إلي أن تمتلئ القلوب بالأمل لكي ننهض ونجتاز كبوات أومشكلات.
إلا أن استغراق الإنسان في الأمل فقط يُعد حُلمًا لن يسير به إلا نحوالسراب. إنما الأمل هوأن تدرُس الحالة التي تسعي للوصول إليها وتحققها في حياتك، أن تدرك ما لديك من إمكانات وتفكر جيدًا في البدائل المطروحة أمامك ثم تختار ما يناسب تلك الإمكانات والمواهب، ثم تعمل بكل طاقتك، وحينئذ يتحول الأمل إلي واقع تحياه وتسعد بتحقيقه في حياتك.
ومن أجمل العبارات التي قرأتها: «إن كل مياه البحر لا تقدر علي إغراق السفينة إلا إذا تسلل الماء إليها؛ وهٰكذا الفشل لا يسيطر علي الإنسان إلا إذا سيطر عليه اليأس وفقد الأمل.». وقيل أيضًا: «إن كل ظلمة العالم لا تستطيع إخفاء ضوء شمعة مهما كان صغيرًا». هٰذا هوالأمل، نور ينبثق في حياة الإنسان فيلاشي ظلمة اليأس التي تكتنف حياته، ويشدده نحوالمضي قُدمًا في طريق العمل والتطلع إلي كل ما هوأفضل.
فلتكُن، عزيزي القارئ، مصدر أمل في حياة البشر من حولك. اُنظر إلي الإيجابيات التي يُستطاع البَدء منها، وساعد بها غيرك في اختراق ظلمة اليأس، فتكون قد قدَّمتَ رسالة من أعظم الرسالات في الحياة. نحن لم نكُن لنسمع عن «هيلين كيلر» ما لم يكُن مر بحياتها أشخاص مثل والديها ومدرستها «آن سوليفان» قدموا إليها أملًا في الحياة، وعضَّدوها بالعمل والمساندة. ونماذج أخري – يعوزنا الوقت لإحصائها – عمن قهر المستحيل بالأمل؛ قال أفلاطون: «الحياة أمل، فمن فقد الأمل فقد الحياة.»
وإذا اختفي الأمل أمام عينيك، أولم تجده في الآخرين من حولك، فقط ارفع رأسك نحوالسماء؛ فإن أجمل ما في أعماقنا هو»الأمل في الله»، واطلب معونته فهودائمًا يهب الأمل لكل إنسان ويفتح السبل لكل ساعٍ في طريق الحياة بأمانة ويحمل في قلبه المحبة، وثِق أن الأمل «لا يموت». وفي هذه المرحلة التي تمر ببلادنا، من احتياج إلي البناء والعمل من أجل إعادتها إلي ما كانت دائمًا عليه من صدراة عبر تاريخها، فلنسعَ جميعًا بالعمل لخيرها ونحن يملؤنا الأمل. لنسعَ بفكر عميق يُدرِك ما نحمله من إمكانات وما نريد تحقيقه. لنتقدم بخُطي ثابتة لبذل كل ما نستطيعه نحوها بأمانة، وقلوبنا تمتلئ بالمحبة لمِصر والمِصريِّين.